رعايته لشعبه المُضطهد كان هذا القديس من مدينة نابولي Naples، سيم أسقفًا. كان يفتقد المسيحيين في بيوتهم، إذ كانوا يعانون من الاضطهاد، كما خرج إلى البراري والمناطق البعيدة يفتقد الهاربين من شدة الاضطهاد، فكان يُعزيهم ويقويهم ويثبتهم على الإيمان. فتح قلبه بالحب للوثنيين، فأحبه كثيرون منهم، وقبلوا الإيمان واعتمدوا. إذ كان الأسقف يطوف المدن لافتقاد المضطهدين، دخل مدينة ميسانا، ووجد هناك شماسًا قديسًا يُدعى سوسيوس. عند قراءته في الكتاب المقدس لاحظ الأسقف لهيبًا من نار حول رأسه فأدرك أنه سيموت شهيدًا. وبالفعل بعد أيام قليلة استدعاه دراكنسيوس حاكم الإقليم ودخل معه في حوار، محاولاً أن يستميله إلى الوثنية. إذ فشل في الحوار قدم له وعودًا سخية وإذ فشل في استمالته أمر بضربه بالسياط بطريقة وحشية، وصاروا يجرونه من أطرافه لكي تنكسر عظامه? وكان الشماس القديس متهللاً. أرسله الحاكم إلى السجن في بوزول Pozzouli، كما سُجن معه ثلاثة مؤمنين هم الشماس بروكولوس وأوتيكوس وأوكوسيوس الذين ضُربوا أيضًا بالسياط ثم أُلقوا في السجن. إذ سمع بذلك الأب الأسقف جانواريوس افتقدهم في السجن مرارًا لتشجيعهم وتثبيتهم على الإيمان. في ذلك الوقت عُزل الحاكم دراكنسيوس وحلّ محلّه تيموثاوس الذي ما أن وصل إلى المدينة حتى اشتكى الوثنيون من الأسقف أنه يمنع المسيحيين عن عبادة الآلهة، وأنه ذهب إلى مدينة بوزول يفتقد من سجنهم الوالي السابق دراكنسيوس. اضطهاده استدعاه الوالي وطلب منه العبادة للأوثان وجحد السيد المسيح، وإذ رفض طرحه في أتون نار، لكن اللَّه حفظه، محولاً النار إلى ندى كما فعل مع الثلاثة فتية القديسين. نسب الوالي ذلك إلى السحر، وأمر بتكسير عظامه. ثم إيداعه في السجن. أرسل شعبه الشماس فستوس والقارئ ديديريوس إلى المدينة التي سُجن فيها الأسقف. سمع الوالي فقبض عليهما وقدمهما للمحاكمة. أمر أن يُربط المسجونون السبعة بالسلاسل ويسيروا مع الأسقف أمام عربته إلى مدينة بوزول، وهناك أمر بطرحهم للوحوش الجائعة. شجعهم الأسقف، وسار الكل في شوارع المدينة وهم متهللون، ثم دخلوا ميدان الوحوش. خرجت الأسود والنمور تزأر بشدة بسبب جوعها، لكنها إذ رأت القديسين وقفت عند أقدامهم كحيوانات مستأنسة كما فعلت مع كثيرين. فصرخ كثير من المشاهدين يمجدون إله القديسين. استشهاده أُحضر القديسون أما الحاكم تيموثاوس فأصيب بالعمى، وصلى الأب الأسقف وشفاه. آمن خمسة آلاف وثني، وإذ خشي الوالي على مركزه أمر بسرعة قطع رؤوسهم، وكان ذلك في 19 سبتمبر 305م. نُقلت أجسادهم إلى مدينة نابولي. من المعجزات التي رُويت عن هذا الأسقف الشهيد تحول دمه المتجلط والموضوع في قارورة إلى حالة السيولة بالصلاة عليه، وكانت هذه المعجزة تتكرر أكثر من مرة في السنة.