كلمة الدعوة تخص الخدمة والرعاية، لأن الرعاية إقامة للإهتمام بنفوس أخرى يملكها الله.. والراعي هو الذي يدخل من باب الدعوة الإلهية فيرعى أولاد الله ويخدمهم، مثل هذا محتاج إلى دعوة، بل لا يمكن أن يقام دون أن يتحقق الدعوة.
أما الرهبنه يا عزيزي فعلى مَنْ يُقام الراهب إلا على خلاص نفسه؟ وهل السعي نحو خلاص النفس وطلب الكمال المسيحي يتطلب الإنسان دعوة؟!
الدعوة للرهبنة هي إقتناع قلبي كامل بتفاهة العالم والزهد في كل قنيته ورغبة حقيقية للحياة المسيحية الصادقة.
ولا شك أن الرهبنة رغبة وإختيار للإنسان.. ليس معنى ذلك أنها ليست دعوة.. فإننا نرى كثيرين يرغبون وقليلون يدعون، كثيرين يشتاقون وقليلين يقدرون. لذا فتنمية الرغبة والإشتياق ينبغي أن تتحرر من الذات التي تعاند وتلح وتصر وتدق الرأس على الحائط بينما يكون للرب دعوة أخرى في حياتي.. الإنسان الروحي الأمين لعريسه والمتطلع لأبديته ينمي كل شوق صالح فيه. فإن وجد الدعوة أمامه والباب مفتوح قدامه يكون مبارك له الرهبنة.. مبارك له هذا العطاء الإلهي الذي نسمع له في الإنجيل (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) "ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذي أُعطيَ لهم.. مَنْ إستطاع أن يقبل فليقبل" (إنجيل متى 10:19-12).
يا عزيزي: إشتقت للرهنة؟ مبارك، فهذا كمال الرضى القلبي. هل جاهدت؟ أخذت موافقة الله في الإعتراف؟ ثم وجدت مرشد يقبلك ودير يفتح بابه أمامك وتستريح أنت للسُكنى بين رهبانه..؟ مبارك، فهذا كمال الدعوة الالهية.
فإن إشتقت وجاهدت ودُعيت، إسلُك بسرعة ومبكراً.. خسارة أن تُضيِّع يوماً واحداً سعيداً بعيداً عن الرهبنة. مصدر المقال: موقع الأنبا تكلا.
أما إن إشتقت وجاهدت ولم تجد دعوة، فبلا عناد ولا تردد لا تلِح في الرهبنة، فربما خلاصك في طريق البتولية والخدمة.
وإن لم تكمل أشواقك بالجهاد والدعوة للرهبنة، فكن صديقاً للرهبنة والرهبان. إبحث عن إحتياجاتهم، وإشترك في تدبيرها وتوفيرها.. إسندهم بالصلاة، واطلب سند صلواتهم في زيارات روحية لا زيارات ترفيهية لإجهادهم، بل للخلوة والتعلم من الرهبنة والرهبان..