يحدد لنا معلمنا يعقوب سمات الحكمة الالهية فيقول:
" اما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة، ثم مسالمة، مترفقة، مذعنة، مملوءة رحمة واثمارا صالحة، عديمة الريب والرياء " (يع3: 17). إذن، فالحكمة الالهية تتسم بما يلى:
1- طاهرة: أي نقية من كل خطية، بعكس الحكمة البشرية الملوثة بالضعف البشرى والطمع والاغراض الشخصية...
2- مسالمة: أي فيها روح الوداعة والهدوء والسلام، بينما الاتكال على الفكر البشرى المجرد، يعنى العجرفة والكبرياء، ويقود إلى الغضب والانفعال، ثم إلى المخاصمات والمهاترات...
3- مترفقة: أي انها طويلة الاناة، طويلة البال، تجعلك تحاور في هدوء وصبر حتى تريح الاخرين وتريح نفسك، دون تسرع أو تطير أو تعسف أو ثورة.
4- مذعنة: أي تجعلك قابلا لتصحيح موقفك، فاتحا صدرك للرأى الاخر مهما بدا مضايقا أو مناقضا لك، فهي تعلمك ان تذعن للحق، والحق هو الله، وكتلميذ للرب تتفاهم في هدوء عارضا رأيك في وداعة، منتظرا آراء الاخرين ونقدهم، مستعدا للتنازل عنه حين يبدو لك ضعف الرأى أو خطأه.
5- مملوء رحمة: أي انها حانية رقيقة غير متكبرة على الاخرين، بل تحس باحاسيسهم، وتحترم مشاعرهم، وتحنو عليهم حتى في اخطائهم أو ضعفاتهم كى تقودهم إلى فكر المسيح.
6- واثماراً صالحة: وما هي اثمار الحكمة الالهية الا ثمر الروح من محبة وفرح وسلام وطول أناة ولطف وصلاح وإيمان ووداعة وتعفف (غلا5: 22، 23)؟
7- عديمة الريب والرياء: أي خالية من التشكك والوسوسة، اذ يكون الإنسان واثقا من فكر الله، وقادرا على تمييز مشيئته " كى يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته، مستنيرة عيون أذهانهم " (اف1: 17، 18) (اقرأ نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا). " من اجل ذلك لا تكونوا اغبياء، بل فاهمين ما هي مشيئة الرب " (اف5: 17). " وهذا اصليه: ان تزداد محبتكم ايضا، اكثر فأكثر، في المعرفة، وفي كل فهم، حتى تميزوا الامور المتخالفة، لكي تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح " (في1: 9، 10).
وهي ايضا حكمة عديمة الرياء، ليس فيها غش ن ولا كذب ولا إلتواء، ولا يظهر الإنسان فيها ما لا يبطن، بل بالحرى يكون واضحا ومستقيما ونقيا، امام الله والناس، في السر والعلانية.
هذه هي سمات الحكمة الالهية، وهي عكس الحكمة البشرية، التي لوثتها الخطية فصارت سبب غيرة مرة، وتخرب وتشويش، وكل امر ردىء... ذلك لانها ارضية (أي نابعة من العقل الترابى المهتم بالترابيات)، نفسانية (أي نابعة من الانفعالات والغرائز والعواطف والعادات والاتجاهات الخاطئة التي تموج بها النفس)، وشيطانية (أي مقودة بروح ابليس، العامل في ابناء المعصية)... (اقرأ يعقوب 3: 13-18).